الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)
.فصل بَيَانُ وَهْمِ ابْنِ إسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ: قُلْت: وَفِي سِيَاقِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إسْحَاقَ وَهُمْ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَسَرّ إلَى حُذَيْفَةَ أَسْمَاءَ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِمْ أَحَدًا غَيْرَهُ وَبِذَلِكَ كَانَ يُقَالُ لِحُذَيْفَةَ إنّهُ صَاحِبُ السّرّ الّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ وَلَا غَيْرُهُ يَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ وَكَانَ إذَا مَاتَ الرّجُلُ وَشَكّوا فِيهِ يَقُولُ عُمَرُ اُنْظُرُوا فَإِنْ صَلّى عَلَيْهِ حُذَيْفَةُ وَإِلّا فَهُوَ مُنَافِقٌ مِنْهُمْ الثّانِي: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ فِيهِمْ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُبَيّ وَهُوَ وَهْمٌ ظَاهِرٌ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ نَفْسُهُ أَنّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ أُبَيّ تَخَلّفَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ.الثّالِثُ أَنّ قَوْلَهُ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَهْمٌ أَيْضًا وَخَطَأٌ ظَاهِرٌ فَإِنّ سَعْدَ بْنَ أَبِي سَرْحٍ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ إسْلَامٌ الْبَتّةَ وَإِنّمَا ابْنُهُ عَبْدُ اللّهِ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ ثُمّ ارْتَدّ وَلَحِقَ بِمَكّةَ حَتّى اسْتَأْمَنَ لَهُ عُثْمَانُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَأَمّنَهُ وَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إسْلَامُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ يُنْكَرُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ هَؤُلَاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْبَتّةَ فَمَا أَدْرِي مَا هَذَا الْخَطَأُ الْفَاحِشُ.الرّابِعُ قَوْلُهُ وَكَانَ أَبُو عَامِرٍ رَأْسَهُمْ وَهَذَا وَهْمٌ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ دُونَ ابْنِ إسْحَاقَ بَلْ هُوَ نَفْسُهُ قَدْ ذَكَرَ قِصّةَ أَبِي عَامِرٍ هَذَا فِي قِصّةِ الْهِجْرَةِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنّ أَبَا عَامِرٍ لَمّا هَاجَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْمَدِينَةِ خَرَجَ إلَى مَكّةَ بِبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَلَمّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَكّةَ خَرَجَ إلَى الطّائِفِ فَلَمّا أَسْلَمَ أَهْلُ الطّائِفِ خَرَجَ إلَى الشّامِ فَمَاتَ بِهَا طَرِيدًا وَحِيدًا غَرِيبًا فَأَيْنَ كَانَ الْفَاسِقُ وَغَزْوَةُ تَبُوكَ ذَهَابًا وَإِيَابًا..فَصْلٌ فِي أَمْرِ مَسْجِدِ الضّرَارِ الّذِي نَهَى اللّهُ رَسُولَهُ أَنْ يَقُومَ فِيهِ فَهَدَمَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ تَبُوكَ حَتّى نَزَلَ بِذِي أَوَانَ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ سَاعَةٌ وَكَانَ أَصْحَابُ مَسْجِدِ الضّرَارِ أَتَوْهُ وَهُوَ يَتَجَهّزُ إلَى تَبُوكَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا قَدْ بَنَيْنَا مَسْجِدًا لِذِي الْعِلّةِ وَالْحَاجَةِ وَاللّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ الشّاتِيَةِ وَإِنّا نُحِبّ أَنْ تَأْتِيَنَا فَتُصَلّيَ لَنَا فِيهِ فَقَالَ إنّي عَلَى جَنَاحِ سَفَرٍ وَحَالِ شُغْلٍ وَلَوْ قَدِمْنَا إنْ شَاءَ اللّهُ لَأَتَيْنَاكُمْ فَصَلّيْنَا لَكُمْ فِيهِ فَلَمّا نَزَلَ بِذِي أَوَانَ جَاءَهُ خَبَرُ الْمَسْجِدِ مِنْ السّمَاءِ فَدَعَا مَالِكَ بْنَ الدّخْشُمِ أَخَا بَنِي سَلَمَةَ بْنِ عَوْفٍ وَمَعْنَ بْنَ عَدِيّ الْعَجْلَانَيّ فَقَالَ انْطَلِقَا إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ الظّالِمِ أَهْلُهُ فَاهْدِمَاهُ وَحَرّقَاهُ فَخَرَجَا مُسْرِعَيْنِ حَتّى أَتَيَا بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ وَهُمْ رَهْطُ مَالِكِ بْنِ الدّخْشُمِ فَقَالَ مَالِكٌ لِمَعْنٍ أَنْظِرْنِي حَتّى أَخْرُجَ إلَيْك بِنَارٍ مِنْ أَهْلِي وَدَخَلَ إلَى أَهْلِهِ فَأَخَذَ سَعَفًا مِنْ النّخْلِ فَأَشْعَلَ فِيهِ نَارًا ثُمّ خَرَجَا يَشْتَدّانِ حَتّى دَخَلَاهُ- وَفِيهِ وَهَدَمَاهُ فَتَفَرّقُوا عَنْهُ فَأَنْزَلَ اللّهُ فِيهِ {وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التّوْبَةُ 107] إلَى آخِرِ الْقِصّةِ. وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ الّذِينَ بَنَوْهُ وَهُمْ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنْهُمْ ثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ. وَذَكَرَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدّارِمِيّ حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالّذِينَ اتّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا} هُمْ أُنَاسٌ مِنْ الْأَنْصَارِ ابْتَنَوْا مَسْجِدًا فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَامِرٍ ابْنُوا مَسْجِدَكُمْ وَاسْتَمِدّوا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوّةٍ وَمِنْ سِلَاحٍ فَإِنّي ذَاهِبٌ إلَى قَيْصَرَ مِلْكِ الرّومِ فَآتِي بِجُنْدٍ مِنْ الرّومِ فَأَخْرِجْ مُحَمّدًا وَأَصْحَابَهُ فَلَمّا فَرَغُوا مِنْ مَسْجِدِهِمْ أَتَوْا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالُوا: إنّا قَدْ فَرَغْنَا مِنْ بِنَاءِ مَسْجِدِنَا فَنُحِبّ أَنْ تُصَلّيَ فِيهِ وَتَدْعُوَ بِالْبَرَكَةِ فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسّسَ عَلَى التّقْوَى مِنْ أَوّلِ يَوْمٍ} يَعْنِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ {أَحَقّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التّوْبَةُ 108] إلَى قَوْلِهِ: {فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنّمَ} [التّوْبَةُ 109] يَعْنِي قَوَاعِدَهُ {لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ} يَعْنِي: الشّك {إِلّا أَنْ تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ} يَعْنِي بِالْمَوْتِ..فصل اسْتِقْبَالُ النّاسِ لَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: فَلَمّا دَنَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ خَرَجَ النّاسُ لِتَلَقّيهِ وَخَرَجَ النّسَاءُ:.مَوْضِعُ ثَنِيّاتِ الْوَدَاعِ وَغَلَطُ مَنْ قَالَ إنّ الشّعْرَ أُنْشِدَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ مَكّةَ: وَبَعْضُ الرّوَاةِ يَهِمُ فِي هَذَا وَيَقُولُ إنّمَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ مَقْدِمِهِ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ مَكّةَ وَهُوَ وَهْمٌ ظَاهِرٌ لِأَنّ ثَنِيّاتِ الْوَدَاعِ إنّمَا هِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الشّامِ لَا يَرَاهَا الْقَادِمُ مِنْ مَكّةَ إلَى الْمَدِينَةِ وَلَا يَمُرّ بِهَا إلّا إذَا تَوَجّهَ إلَى الشّامِ فَلَمّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ هَذِهِ طَابَةُ وَهَذَا أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبّنَا وَنُحِبّهُ..سَمَاعُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَدْحَ الْعَبّاس لَهُ: فَلَمّا دَخَلَ قَالَ الْعَبّاسُ يَا رَسُولَ اللّهِ ائْذَنْ لِي أَمْتَدِحُك. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: «قُلْ لَا يَفْضُضْ اللّهُ فَاكَ» فَقَالَ:.فصل اعْتِذَارُ الْمُخَلّفِينَ: وَلَمّا دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَدِينَةَ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ جَلَسَ لِلنّاسِ فَجَاءَهُ الْمُخَلّفُونَ فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إلَى اللّهِ..اعْتِذَارُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَرَفِيقَيْهِ: وَجَاءَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فَلَمّا سَلّمَ عَلَيْهِ تَبَسّمَ تَبَسّمَ الْمُغْضَبِ ثُمّ قَالَ لَهُ تَعَالَ. قَالَ فَجِئْت أَمْشِي حَتّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لِي: مَا خَلّفَك أَلَمْ تَكُنْ قَدْ ابْتَعْتَ ظَهْرَك؟ فَقُلْتُ بَلَى إنّي وَاَللّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِك مِنْ أَهْلِ الدّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنْ أَخْرُجَ مِنْ سُخْطِهِ بِعُذْرٍ وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا وَلَكِنّي وَاَللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ إنْ حَدّثْتُك الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَلَيّ لِيُوشِكَنّ اللّهُ أَنْ يُسْخِطَك عَلَيّ وَلَئِنْ حَدّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيّ فِيهِ إنّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللّهِ عَنّي وَاَللّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ وَاَللّهِ مَا كُنْتُ قَطّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنّي حِينَ تَخَلّفْتُ عَنْك. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ فَقُمْ حَتّى يَقْضِيَ اللّهُ فِيك فَقُمْتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ فَاتّبَعُونِي يُؤَنّبُونِي فَقَالُوا لِي: وَاَللّهِ مَا عَلِمْنَاك كُنْت أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَلّا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمَا اعْتَذَرَ إلَيْهِ الْمُخَلّفُونَ فَقَدْ كَانَ كَافِيَك ذَنْبَك اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَك. قَالَ فَوَاَللّهِ مَا زَالُوا يُؤَنّبُونِي حَتّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذّبَ نَفْسِي ثُمّ قُلْتُ لَهُمْ هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ مَا قُلْتَ. فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلَ مَا قِيلَ لَك فَقُلْتُ مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرّبِيعِ الْعَامِرِيّ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيّةَ الْوَاقِفِيّ فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي. وَنَهَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيّهَا الثّلَاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلّفَ عَنْهُ فَاجْتَنَبَنَا النّاسُ وَتَغَيّرُوا لَنَا حَتّى تَنَكّرَتْ لِي الْأَرْضُ فَمَا هِيَ بَالَتِي أَعْرِفُ فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً فَأَمّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ وَأَمّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصّلَاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يُكَلّمُنِي أَحَدٌ وَآتِي رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأُسَلّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصّلَاةِ فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدّ السّلَامِ عَلَيّ أَمْ لَا؟ ثُمّ أُصَلّي قَرِيبًا مِنْهُ فَأُسَارِقُهُ النّظَرَ فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِي أَقْبَلَ إلَيّ وَإِذَا الْتَفَتّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنّي حَتّى إذَا طَالَ عَلَيّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ الْمُسْلِمِينَ مَشَيْتُ حَتّى تَسَوّرْت جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمّي وَأَحَبّ النّاسِ إلَيّ فَسَلّمْتُ عَلَيْهِ فَوَاَللّهِ مَا رَدّ عَلَيّ السّلَامَ فَقُلْت: يَا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُك بِاَللّهِ هَلْ تُعَلّمُنِي أُحِبّ اللّهَ وَرَسُولَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ؟ فَسَكَتَ فَعُدْتُ فَنَاشَدْته فَسَكَتَ فَعُدْت فَنَاشَدْته فَقَالَ اللّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَفَاضَتْ عَيْنَايَ وَتَوَلّيْتُ حَتّى تَسَوّرْتُ الْجِدَارَ. فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ الْمَدِينَةِ إذَا نَبَطِيّ مِنْ أَنْبَاطِ الشّامِ مِمّنْ قَدِمَ بِالطّعَامِ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ مَنْ يَدُلّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَطَفِقَ النّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ حَتّى إذَا جَاءَنِي دَفَعَ إلَيّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسّانَ فَإِذَا فِيهِ أَمّا بَعْدُ فَإِنّهُ بَلَغَنِي أَنّ صَاحِبَك قَدْ جَفَاك وَلَمْ يَجْعَلْك اللّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ فَالْحَقّ بِنَا نُوَاسِك فَقُلْتُ لَمّا قَرَأْتهَا: وَهَذَا أَيْضًا مِنْ الْبَلَاءِ فَتَيَمّمْتُ بِهَا التّنّورَ فَسَجَرْتهَا حَتّى إذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنْ الْخَمْسِينَ إذَا رَسُولُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَأْتِينِي فَقَالَ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَأْمُرُك أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَك فَقُلْتُ أُطَلّقُهَا أَمْ مَاذَا؟ قَالَ لَا وَلَكِنْ اعْتَزِلْهَا وَلَا تَقْرَبْهَا وَأَرْسَلَ إلَى صَاحِبَيّ مِثْلَ ذَلِكَ فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِك فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتّى يَقْضِيَ اللّهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَجَاءَتْ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيّةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ هِلَالَ بْنَ أُمَيّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ. قَالَ لَا وَلَكِنْ لَا يَقْرَبُك قَالَتْ إنّهُ وَاَللّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إلَى شَيْءٍ وَاَللّهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إلَى يَوْمِهِ هَذَا قَالَ كَعْبٌ فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوْ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي امْرَأَتِك كَمَا أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ فَقُلْت: وَاَللّهِ لَا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابّ وَلَبِثْت بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتّى كَمُلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ كَلَامِنَا فَلَمّا صَلّيْت صَلَاةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى سَطْحِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الّتِي ذَكَرَ اللّهَ تَعَالَى قَدْ ضَاقَتْ عَلَيّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا فَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ مِنْ اللّهِ وَآذَنَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِتَوْبَةِ اللّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلّى الْفَجْرَ فَذَهَبَ النّاسُ يُبَشّرُونَنَا وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيّ مُبَشّرُونَ وَرَكَضَ إلَيّ رَجُلٌ فَرَسًا وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى ذِرْوَةِ الْجَبَلِ وَكَانَ الصّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ الْفَرَسِ فَلَمّا جَاءَنِي الّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبِي فَكَسَوْتُهُ إيّاهُمَا بِبُشْرَاهُ وَاَللّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتهمَا فَانْطَلَقْتُ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَتَلَقّانِي النّاسُ فَوْجًا لِيَهْنِكَ تَوْبَةُ اللّهِ عَلَيْك. قَالَ كَعْبٌ حَتّى دَخَلْتُ يُهَرْوِلُ حَتّى صَافَحَنِي وَهَنّأَنِي وَاَللّهِ مَا قَامَ إلَيّ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ وَلَسْت أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ فَلَمّا سَلّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنْ السّرُورِ أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمّكَ. قَالَ قُلْتُ أَمِنْ عِنْدَك يَا رَسُولَ اللّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللّهِ؟ قَالَ لَا بَلْ مِنْ عِنْدِ اللّهِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا سُرّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتّى كَأَنّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وَكُنّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَمّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إلَى اللّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَقَالَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِك فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْت: فَإِنّي أُمْسِكُ سَهْمِي الّذِي بِخَيْبَرَ. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ اللّهَ إنّمَا نَجّانِي بِالصّدْقِ وَإِنّ مِنْ تَوْبَتِي أَلّا أُحَدّثَ إلّا صِدْقًا مَا بَقِيت فَوَاَللّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَبْلَاهُ اللّهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى يَوْمِي هَذَا مَا أَبْلَانِي وَاَللّهِ مَا تَعَمّدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا وَإِنّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللّهُ فِيمَا بَقِيت فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ {لَقَدْ تَابَ اللّهُ عَلَى النّبِيّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التّوْبَةُ 117] إلَى قَوْلِهِ: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ} [التّوْبَةُ 119] فَوَاَللّهِ مَا أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيّ نِعْمَةً قَطّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ لَا أَكُونَ كَذّبْته فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الّذِينَ كَذَبُوا فَإِنّ اللّهَ قَالَ لِلّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْيَ شَرّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ قَالَ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} [التّوْبَةُ 95] إلَى قَوْلِهِ: {فَإِنّ اللّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التّوْبَةُ 96]. قَالَ كَعْبٌ وَكَانَ تَخَلّفُنَا أَيّهَا الثّلَاثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ حَلَفُوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَأَرْجَأَ أَمْرَنَا حَتّى قَضَى اللّهُ فِيهِ فَبِذَلِكَ قَالَ اللّهُ {وَعَلَى الثّلَاثَةِ الّذِينَ خُلّفُوا} [التّوْبَةُ 118] وَلَيْسَ الّذِي ذَكَرَ اللّهُ مِمّا خَلّفْنَا عَنْ الْغَزْوِ وَإِنّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إيّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمّنْ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدّارِمِيّ حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيّئًا} [التّوْبَةُ 102] قَالَ كَانُوا عَشَرَةَ رَهْطٍ تَخَلّفُوا عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَلَمّا حَضَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَوْثَقَ سَبْعَةٌ مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ بِسُوَارِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ يَمُرّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا رَجَعَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهِمْ فَلَمّا رَآهُمْ قَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ الْمُوثِقُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالسّوَارِي؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو لُبَابَةَ وَأَصْحَابٌ لَهُ تَخَلّفُوا عَنْك يَا رَسُولَ اللّهِ أَوْثَقُوا أَنْفُسَهُمْ حَتّى يُطْلِقَهُمْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَيُعْذِرَهُمْ. قَالَ وَأَنَا أُقْسِمُ بِاَللّهِ لَا أُطْلِقُهُمْ وَلَا أَعْذِرُهُمْ حَتّى يَكُونَ اللّهُ هُوَ الّذِي يُطْلِقُهُمْ رَغِبُوا عَنّي وَتَخَلّفُوا عَنْ الْغَزْوِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمّا بَلَغَهُمْ ذَلِكَ قَالُوا: وَنَحْنُ لَا نُطْلِقُ أَنْفُسَنَا حَتّى يَكُونَ اللّهُ هُوَ الّذِي يُطْلِقُنَا فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيّئًا عَسَى اللّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} وَعَسَى مِنْ اللّهِ وَاجِبٌ إنّهُ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ. فَلَمّا نَزَلَتْ أَرْسَلَ إلَيْهِمْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَطْلَقَهُمْ وَعَذَرَهُمْ فَجَاءُوا بِأَمْوَالِهِمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ هَذِهِ أَمْوَالُنَا فَتَصَدّقْ بِهَا عَنّا وَاسْتَغْفِرْ لَنَا قَالَ مَا أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ أَمْوَالَكُمْ فَأَنْزَلَ اللّهُ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا وَصَلّ عَلَيْهِمْ إنّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التّوْبَةُ] فَأَخَذَ مِنْهُمْ الصّدَقَةَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَكَانَ ثَلَاثَةٌ نَفَرٍ لَمْ يُوثِقُوا أَنْفُسَهُمْ بِالسّوَارِي فَأَرْجَئُوا لَا يَدْرُونَ أَيُعَذّبُونَ أَمْ يُتَابُ عَلَيْهِمْ؟ فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ تَابَ اللّهُ عَلَى النّبِيّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} إلَى قَوْلِهِ: {وَعَلَى الثّلَاثَةِ الّذِينَ خُلّفُوا} إلَى قَوْلِهِ: {إِنّ اللّهَ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ} تَابَعَهُ عَطِيّةُ بْنُ سَعْدٍ.
|